أختلفت تعاريف (الوطن) بين الشعوب وأختلف مقدار تمسكها به ضمن مفهوم (الوطنية) وأختلفت المعايير في قياس الوطني و كذلك أختلاف تسميات نقيضه أو درجاته.
فالإمام علي، عليه السلام، يعرف الوطن بحكمته (الغنى في الغربة وطن والفقر في الوطن غربة) وبذلك لا يشترط أن أن يكون وطنك مسقط رأسك أو أين تمنح الجنسية بلا قسم بل وطنك حيث تشعر برغيد العيش وتوفير مسلتزمات الحياة بكرامة دون أن تستجدي وبدون منة.
وسلفستر ستالون، بعد أن نال منه التعب والإجهاد بمغامراته من أجل أنقاذ سمعة أمريكا من وحل فيتنام يختتم فلم رامبو الشهير بجملة (وطني حيث أضع قبعتي) في إشارة الى أن وطنه ليس بالضرورة أمريكا التي ولد فيه وقاتل من أجلها إنما وطنه أينما يضع قبعته لينعم بالراحة والأمان.تذكرت رامبو وجملته المشهورة عند سماعي قصة من صديقي المقيم في امريكا والذي أستقبل صديقه القادم من العراق في بعثة تدريبية لمدة عام في نيويورك وبعد إسبوع قرر أن تلحق به عائلته لقضاء فترة السنة معه كسفرة سياحية لهم وقد نصحه صديقي بعدم جلب عائلته لكنه أصر و وصلوا الى أمريكا. يقول صديقي بعد فترة ستة أيام أتصل به صديقه باكيا و متأثرا قائلا له، كنت أسير أنا وأبني ذو الستة أعوام في أحد الحدائق العامة وفجأة قال لي "أبي أنا الآن عندي وطن" ظننت أنه شعر بحنين لوطنه ولبغداد فقلت له "نعم أنا كذلك مشتاق للوطن وسنعود قريبا" ولكنه فاجئني بالقول "كلا أنا لا أعود فأنا الآن أصبح لي وطن ولن أغادره".
ستة سنين لم تكن كافية ليتعرف الصبي على وطنه ولم يشعر به بينما ستة أيام في أمريكا جعلته يعرف معنى الوطن وينتمي اليه.
ستة أيام تكفي لأن ينتمي الطفل للوطن الذي يحس فيه بالأمان وبإنسانيته فرغم صغر سنه أحس بأن كل شئ مسخر لخدمته وليس لتخويفه وتجويعه. ستة أيام لم يرى فيها أسلحة ولا سيطرات في كل مكان و لم تحجب ناطحات السحاب عنه الأفق كما أختفى الأفق في بغداد خلف الصبات الكونكريتية.
إنها مسؤوليتنا جميعا لنبني وطن يحس به أطفالنا بالأمان وحينها سيقولون (أصبح لدينا وطن) وسيكون وطنهم العراق وليس بلداً آخر.