الأحد، 23 أبريل 2017

ملخص القضاء الإداري - المرحلة الثالثة - قسم القانون

السلام عليكم
اقدم ملخص لمادة القضاء الإداري للمرحلة الثالثة لقسم القانون
حسب المنهج المعتمد في الجامعات العراقية
مع التقدير

القضاء الإداري


الباب الأول - مبدأ المشروعية

مبدأ المشروعية في المفهوم الموضوعي

يعني مبدأ المشروعية في هذا المفهوم إن أي تصرف يصدر عن الإدارة يجب أن يكون مطابقا للقواعد القانونية النافذة في الدولة، ويقتضي وجوب إصدار قرارات الإدارة على مقتضى القواعد القانونية، فلا يجوز مخالفتها طالما هي قائمة و لم يتم تعديلها أو إلغاؤها.

مبدأ المشروعية في الجانب الشكلي

يتعلق هذا الجانب بتعديل أو إلغاء القواعد القانونية، و معنى ذلك إن كل سلطة تريد أن تصدر قاعدة قانونية عليها أن تراعي القواعد الصادرة عن السلطات العليا.

الفصل الأول  - المصادر المكتوبة لمبدأ المشروعية

المطلب الأول - الدستور

هو مجموعة القواعد القانونية الأساسية المنظمة للدولة والتي تبين شكل الحكم فيها و ماهية السلطات العامة من حيث تشكيلها وإختصاصها وعلاقة بعضها بالبعض الآخر. تقع القواعد الدستورية على قمة الهرم القانوني في الدولة. وهكذا فإن على السلطات الإدارية أن تلتزم بقواعد الدستور و لا يحق لها مخالفتها في أعمالها و إلا وجب الغاؤها و التعويض عما تسببه من ضرر للغير. ميز فقهاء القانون لطبيعة النصوص الدستورية بين النصوص التقريرية و النصوص التوجيهية
  • النصوص التقريرية: و تتميز يأنها محددة وقابلة للتطبيق الفوري من دون تدخل المشرع لتنظيم كيفية التطبيق كالنص القاضي (بوجوب التعويض العادل في حالة نزع الملكية أو الحرمان منها) و (لا جريمة ولا عقاب إلا بنص).
  • النصوص التوجيهية: نصوص غير محددة لأنها تمثل أهداف يعمل النظام السياسي على تحقيقها و لا تطبق إلا بتدخل المشرع و من أمثلتها (حق العمل لكل مواطن وحق الدخول في الوظيفة العامة)

المطلب الثاني - التشريع العادي

هو مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة المختصة بممارسة وظيفة التشريع. والأصل في التشريع إنه يسري بأثر فوري من تأريخ نشره ولا يسري بأثر رجعي إلا إذا نص الدستور على وجه صريح بسريان القانون بأثر رجعي. و يعود خضوع الإدارة لأحكام التشريع العادي إلى إعتبارين هما:
  • أولاً: إن الوظيفة التشريعية بطبيعتها تنصرف الى وضع قواعد عامة مجردة تتولى السلطة التنفيذية تطبيقها من خلال ما تصدره من قرارات تنظيمية فردية.
  • ثانياً: إن القانون يصدر بإرادة الأمة وعن ممثلي الشعب و على هذا فإن السلطة التنفيذية ملزمة بإحترام القانون وعدم مخالفته في جميع أعمالها.
و تحتل القوانين العادية (التشريع) المرتبة التالية للدستور من حيث التدرج القانوني لذا يجب أن يتقيد بأحكام الدستور و لا يخالفها و إلا أعتبر القانون غير دستوري مما يتعين إلغاؤه تشريعيا بتشريع لاحق أو أستبعاده قضائيا عن طريق الإمتناع عن تطبيق القانون المخالف للدستور، أو عن طريق الطعن بعدم الدستورية أمام الجهة التي يحددها الدستور.


المطلب الثالث - الأنظمة

الأصل إن السلطة التشريعة هي صاحبة الإختصاص في سن التشريع، و لكن الواقع العملي حتم منح السلطة التنفيذية صلاحية إصدار نوع جديد من القواعد العامة المجردة و يطلق عليها الفقه إسم الأنظمة أو اللوائح و هي تشريعات فرعية. و تعتبر الأنظمة قرارات إدارية و تخضع لرقابة السلطة القضائية لضمان إتفاقها و أحكام القانون، و تختلف الأنظمة عن القانون من حيث:
  1. تصدر الأنظمة عن السلطة التنفيذية أما القانون فيصدر عن السلطة التشريعية، لذا تعتبر الأنظمة في مرتبة أدنى من القانون من حيث التدرج التشريعي.
  2. يستطيع المشرع مبدئيا أن يصدر ما يشاء من القواعد القانونية طالما كان ذلك في حدود أحكام الدستور، أما السلطة التنفيذية فإن حقها في إصدار الأنظمة يكون محددا بنصوص الدستور والقانون.
وللأنظمة أهمية خاصة بإعتبارها مصدرا من مصادر القانون الإداري و لكونها أكثر تلبية وإستجابة لمتطلبات وضرورات العمل الإداري من القوانين العادية.

أنواع الأنظمة

أولاً: الأنظمة التنفيذية

هي تلك الأنظمة التي تصدرها السلطة التنفيذية من أجل وضع القوانين التي أقرتها السلطة التشريعية موضع التطبيق، فهي تضمن القواعد التفصيلية اللازمة لتسهيل تنفيذ القوانين.

ثانياً: الأنظمة المستقلة.

تلك الأنظمة التي تضعها السلطة التنفيذية بصورة مستقلة عن أي قانون آخر بقصد إنشاء و ترتيب المصالح أو المرافق العامة و تنسيق العمل في المصالح والإدارات الحكومية.

ثالثاً: أنظمة الضبط الإداري

و هي الأنظمة التي تضعها السلطة التنفيذية لأجل المحافظة على النظام بعناصره المتعددة، الأمن العام و الصحة العامة و السكينة العامة و الأداب العامة. و تعتبر من الناحية الموضوعية بمثابة القوانين مثل الأنظمة الخاصة بالمرور.

رابعاً: أنظمة الضرورة.

و يقصد بها الأنظمة والقرارات التنظيمية التي تصدرها السلطة التنفيذية في الظروف غير العادية لمواجهة المخاطر الداخلية والخارجية التي لا تحتمل التأخير. و قد تخرج بها السلطة التنفيذية عن حكم الدستور و القانون لمواجهة حالات إستثنائية، كالفتن والحروب  والإضطرابات السياسية. و تصدر في حالة غيبة البرلمان و تعرض عليه في أول جلسة بعد عودته.

خامساً: الأنظمة التفويضية.

وهي عبارة عن مراسيم وقرارات بقوانين تصدر عن السلطة التنفيذية بناءاً على تفويض من السلطة التشريعية في مسائل يشترط الدستور صدور قانون بها. و تصدر عادة في ظروف إستثنائية و لمدة محددة و تعرض على البرلمان للمصادقة عليها و تعتبر هذه الأنظمة نوع من التعاون بين السلطة التشريعية والتنفيذية.

المبحث الثاني - المصادر غير المكتوبة لمبدأ المشروعية

المطلب الأول - العرف الإداري

العرف هو مجموعة القواعد غير المكتوبة التي درجت الإدارة على إتباعها في مباشرة نشاط معين، بحيث يسود الإعتقاد لدى الإدارة و الأفراد بأن هذا السلوك أصبح ملزماً. و للعرف الإداري ركنان هما
  1. الركن المادي: و يكون بإتباع الإدارة لسلوك معين و بشكل منتظم دون إنقطاع و للمدة الكافية لإستقراره.
  2. الركن المعنوي: و يعني أن يسود الإعتقاد لدى الجهات الإدارية بإلزامية إتباع هذا السلوك الذي درجت عليه وإنها صارت قاعدة واجبة الإحترام.

شروط العرف الإداري

  1. أن يكون العرف عاما.
  2. أن يكون العرف مستقرا.
  3. أن لا يكون العرف قد نشأ مخالفا لنص قائم.

المطلب الثاني - المبادئ العامة للقانون

هي مجموعة المبادئ التي لا تستند إلى نص مكتوب وإنما يعمل القضاء الإداري على إستنباطها و الكشف عنها، بحيث يتعين على الإدارة إحترامها وإلا كان تصرفها مخالفاً لمبدأ المشروعية الإدارية. و القضاء الإداري يكشف عنها ولا يخلقها بإعتبارها مبادئ موجودة و كائنة و ذلك عن طريق الضمير العام للجماعة و ضمير المشرع الذي لم يفصح عنها في نصوص تشريعية صريحة. وإن هذه المبادئ لا تستطيع أن تخالف القواعد القانونية المكتوبة سواء بالتعديل أو الإلغاء، و من أمثلتها (المساواة أمام القانون، و المساواة بالإنتفاع بالأموال العامة و حرية العقيدة و حرية الرأي و مبدأ سير المرفق العام بإنتظام وإضطراد).

الفصل الثاني - الإستثناءات أو القيود التي ترد على مبدأ المشروعية

المبحث الأول - السلطة التقديرية للإدارة.

عندما يقرر المشرع  سلطة الإدارة فإنه يعطي لها القدر اللازم من السلطة للقيام بوظيفتها في إطار كفالة الحقوق والحريات العامة. وهذا القدر قد يكون محددا و لا يجوز الخروج عليه و على الإدارة الإلتزام به بدقة فتكون هنا سلطتها مقيدة. و قد يقدر المشرع حاجة الإدارة لقدر من المرونة و حرية الحركة فيمنح لها حرية الإختيار بين عدد من الحلول فتكون سلطة الإدارة هنا سلطة تقديرية حيث تكون حرة في إتخاذ التصرف المناسب أو الإمتناع عنه وكذلك حرة في إختيار الوقت الذي تراه مناسبا للتصرف طالما كان الباعث عليه هو إبتغاء المصلحة العامة و لم يشوبه عيب إساءة إستعمال السلطة أو مخالفة القانون. مثال سلطة الإدارة في إيقاع الجزاءات التأديبية و سلطتها في ترقية بعض فئات الموظفين على أساس الكفاءة.

أساس السلطة التقديرية

السلطة التقديرية للإدارة تعد سلطة خطيرة إذ هي لا تخضع الى رقابة الملائمة، و لكن رغم خطورة هذه السلطة إذا ما أسئ أستخدامها فإن وجودها يبدو أمرا لا مناص منه، إذ لا يمكن بحال تقييد نشاط الإدارة بصفة مطلقة و فرض سلوك محدد عليها في جميع أوجه نشاطها.
و يعود السبب في منح الإدارة هذه السلطة الى عدد من المبررات هي:
  1. من المتعذر على المشرع أن يحدد للإدارة مقدما مسارا معينا تتبعه في مزاولة نشاطها الإداري. لذا تستطيع الإدارة بواسطة السلطة التقديرية الممنوحة لها من تفسير القواعد القانونية و إكمال نقصها بما تقتضيه الحياة اليومية أخذة في الإعتبار الظروف الخاصة بكل حالة على حدة.
  2. إن عدم تخويل الإدارة سلطة تقديرية في ممارسة نشاطها يجعل منها أداة صماء لتنفيذ القوانين تنفيذا حرفيا من دون مراعاة ظروف التنفيذ. من شأن ذلك أن يصيب نشاط الإدارة بالجمود والركود ويقضي على قدرة الإبتكار والتجديد.
  3. إن منح الإدارة سلطة تقديرية يجب أن لا يفسر على إنها ميزة تستطيع الإدارة أن تتعسف في إستعمالها. بل هي تقرر مقابل تحملها مسؤولية كبيرة تكمن في سير المرافق العامة بإنتظام.

نطاق السلطة التقديرية

استقر الفقه والقضاء الإداري على أن جميع عناصر القرار الإداري يمكن أن تكون مجالاً للتقييد والتقدير بحسب موقف المشرع منها، و إن نطاق السلطة التقديرية تختلف من عنصر لآخر من عناصر القرار الإداري.
  • لا مجال للسلطة التقديرية في ركن الغاية، فغاية القرار الإداري هي الصالح العام
  • لا مجال للسلطة التقديرية في ما يتعلق بركن الإختصاص، حيث يحدد القانون دائما السلطة المختصة بإصدار القرار.
  • سلطتها مقيدة في ركن الشكل فإن الأمر يختلف فيما إذا فرض القانون شكلا معينا للقرار الإداري أو تطلب إتخاذ إجراءات محددة.
  • نطاق السلطة التقديرية يظهر ضمن قواعد محددة كما هوالحال في موضوع التفويض بالإختصاص، حيث يمكن لصاحب الإختصاص تفويض جزء من إختصاصه الى الغير وفق القانون.
  • أما فيما يتعلق بركن السبب فإن سلطة الإدارة تخضع الى الإعتبارات التالية
    • صحة وجود السبب
    • التكييف القانوني للوقائع
  • أما بالنسبة لركن المحل و هو الأثر القانوني الذي يترتب على القرار حالا و مباشرة فإنه يكون للإدارة حرية التدخل أو الإمتناع عن التدخل طالما إن المشرع لم يلزمها بالتدخل عند تحقق بعض الشروط.

حدود السلطة التقديرية

  1. السلطة التقديرية في حدها الأقصى.
    و تعني هذه السلطة أن يكون من حق الإدارة أن تتصرف أو تمتنع عن التصرف، و تكون حرة في إختيار الوقت المناسب لإصدار القرار، فإذا أصدرته فهي تستطيع إختيار الأسباب التي تبني عليها القرار لأن القانون لا يحدد لها أسباب معينة بالذات في حالة إصدارها للقرار. و من أمثلة السلطة التقديرية في حدها الأقصى، حالة الترخيص للأجانب بالإقامة المؤقتة دون الإقامة العادية.
  2. السلطة التقديرية في حدها الوسط.
    تملك الإدارة حرية التصرف أو عدم التصرف، فلها سلطة إصدار القرار أو الإمتناع عنه،  وكذلك إختيار الوقت المناسب، و لكنها أذا قررت إصدار القرار فإنه يجب عليها أن تبنى على أسباب محددة، كحالة إصدار الإدارة لقرارات بتوقيع الجزاءات تجاة بعض الموظفين.
  3. السلطة التقديرية في حدها الأدني.
    في ظل هذه السلطة يتحتم على الإدارة التصرف عند توافر أسباب أو شروط معينة يحددها القانون ولكنها تكون حرة في إختيارها الوقت المناسب لإصدار القرار حيث لها إصداره فور تقديم صاحب الشأن طلبا بذلك أو تأخيره إلى مدة معينة، فالسلطة التقديرية في حدها الأدني توجد في جميع قرارات الإدارة.

رقابة القضاء الإداري على السلطة التقديرية للإدارة

إن الأمر لا يحتاج الى العناء تجاه التعرف على الرقابة القضائية على الأعمال الصادرة عن الإدارة في حالة السلطة المقيدة، على عكس السلطة التقديرية فإن القانون لا يفرض عليها التقيد بقواعد أو شروط محددة في التصرف فيكون لها حرية التقدير، لأن القاضي الإداري هو قاضي مشروعية و ليس قاضي ملائمة، أي ينظر الى مدى مطابقة التصرف للقانون. ولكن رغم ذلك فقد فرض القضاء الإداري رقابته على عنصر الملائمة على سبيل الإستثناء فضلا عن عنصر المشروعية و ذلك في ميدان القرارات المقيدة للحريات، و كذلك في ميدان العقوبات التأديبية للموظفين.

المبحث الثاني - حالة الضرورة (الظروف الإستثنائية)

إن تشريع القوانين يتم من أجل تطبيقها في الظروف العادية. إلا إن الدولة قد تواجه ظروفا إستثنائية كالحروب والأزمات تعجز معها القواعد العادية عن مواجهة الظروف غير العادية. الأمر الذي يقتضي توسيع سلطات الإدارة وتحريرها من الخضوع للقواعد العادية في مواجهة هذه الظروف. فالإدارة تواجه إعتبارين، أما إحترام المشروعية والإلتزام بالقواعد القانونية و ما يترتب عليه من تعريض المصلحة العامة للخطر، أو تواجه هذه الأخطار بما يقتضيه ذلك التحرر من مبدأ المشروعية العادي و طرح بعض قواعده جانبا لمواجهة هذه الظروف. لذا تظهر فكرة الظروف الإستثنائية و تقتضي بوجوب قيام الإدارة بإتخاذ الإجراءات  والقرارات و لوخالفت مبدأ المشروعية المطبق في الظروف العادية، و تعتبر قرارات مشروعية على الرغم من عدم مشروعيتها في الظروف العادية.
من جانب آخر قد يواجه المشرع الظروف الإستثنائية بحلول تشريعية كقانون التعبئة العامة وقانون الدفاع المدني وقانون الطوارئ وذلك لتتمتع السلطة التنفيذية من خلالها بسلطات إستثنائية واسعة لا تملكها في الظروف العادية. و لكن لا يستطيع المشرع التنبؤ بجميع الظروف غير العادية التي تحيط بالدولة، و لتلافي النقص والقصور التشريعي ظهرت نظرية الظروف الإستثنائية.

شروط تطبيق الظروف الإستثنائية

  1. وجود خطر جسيم يهدد النظام العام
  2. تعذر دفع الخطر بالقواعد القانونية العادية.
  3. تحقيق المصلحة العامة.
  4. تناسب الإجراء المتخذ مع الظرف الإستثنائي.
  5. إنهاء سلطة الإدارة الإستثنائية بإنتهاء الظرف الإستثننائي.

رقابة القضاء الإداري على أعمال الإدارة في الظروف الإستثنائية.

هناك مجموعة من الضوابط والقيود التي تخضع لها أعمال الإدارة في الظروف الإستثنائية وإلا عدت تصرفاتها قابلة للإبطال لتجاوز السلطة.
إن الرقابة القضائية تنصب أولاً على عنصر السبب، أي التحقق من وجود الظرف الإستثنائي، و التأكد من صحة الحالة الواقعية التي دفعت الإدارة الى أستخدامها لسلطتها الإستثنائية.
و كذلك التحقق من مبدأ التناسب بين الإجراء المتخذ و الظرف الإستثننائي.
كما تصب رقابة القضاء الإداري على عنصر الغاية في القرارات الصادرة في ظل الظروف الإستثنائية، أي التأكد من إنها تستهدف مصلحة عامة.
و يراقب القضاء الإداري مدى إلتزام الإدارة بتحقيق الهدف الخاص عند قيامها بأعمالها في ظل الظروف الإستثنائية.

المبحث الثالث - أعمال السيادة ص 40

…..
……
الباب الثالث - وسائل مراقبة المشروعية

الفصل الأول - الرقابة السياسية



الفصل الثاني - الرقابة الإدارية (ص 51)

وهي التي تقوم بها الجهات الإدارية ذاتها بمراجعة أعمالها، مع ما يمكن أن تؤدي اليه تلك المراجعة من سحب لهذه القرارات أو إلغائها أو تعديلها مع مراعاة حقوق الأفراد المتولدة عن تلك القرارات. و تنقسم هذه الرقابة الى نوعين
  • أولاً: الرقابة الذاتية (التلقائية)
  • ثانياً: الرقابة بناء على تظلم.


أولاً: الرقابة الذاتية (التلقائية)

تلتزم الإدارة بمراجعة قراراتها من قبلها مباشرة دون وجود شكوى أو إعتراض من قبل الغير تجاهها، وهي أما أن تكون رقابة ولائية أو رقابة رئاسية.
  1. الرقابة الولائية:
    وهي أن تراجع الإدارة من تلقاء نفسها القرار الذي صدر عنها فتعيد النظر فيه وتقوم بسحبه أو إلغائه أو تعديله أو إستبداله بآخر، و تتولى هذه الرقابة ذات الجهة التي صدر عنها القرار.
  2. الرقابة الرئاسية:
    في هذه الصورة من الرقابة يتقدم من صدر القرار في مواجهته لا الى الجهة التي صدر عنها و إنما الى السلطة الرئاسية لها.
    إن الرقابة الرئاسية أما أن تكون سابقة على إتخاذ القرار الإداري أو لاحقة عليه.
    والأصل إن السلطة الرئاسية تسري بحق جميع المرؤوسين إلا إذا وجد نص خاص يقضي خلاف ذلك، كأن يمنح القانون إختصاصا نهائيا لأحد الموظفين في موضوع معين.

ثانياً: الرقابة بناءً على تظلم

وهي الرقابة التي تمارسها الإدارة على تصرفاتها بناءاً على تظلم يرفع إليها ممن له مصلحة. و يعد التظلم الإداري شرطاً لقبول الدعوى أمام القضاء (التظلم الوجوبي).
و التظلم الإداري يكون على أنواع عديدة و نبين فيما يلي كل نوع من أنواع التظلمات وهي
  1. التظلم الولائي
    وهو التظلم الذي يتقدم به المتضرر من القرار الى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار موضحا فيه المخالفات التي ينطوي عليها هذا التصرف، طالباً منها إعادة النظر في قرارها. ويتميز التظلم الولائي بإمكانية ممارسته من قبل الفرد لأكثر من مرة إذ لا يوجد ما يحدد ممارسته بعدد من المرات.
  2. التظلم الرئاسي
    هذا النوع من التظلم هو أحد أنواع الرقابة الرئاسية، و يقدم هذا التظلم الى الرئيس الإداري للموظف الذي أصدر القرار.
    التظلم الرئاسي قد يكون بدرجات متعددة أو بدرجة واحدة.
    1. التظلم الرئاسي متعدد الدرجات
      التظلم الرئاسي متعددد الدرجات هو تظلم بقوة القانون حيث يستطيع المتظلم من القرار الإداري اللجوء الى درجات متعددة في السلم الإداري للجهة الإدارية التي يتظلم من إعمالها.
    2. التظلم الرئاسي بدرجة واحدة
      ويتم هذا النوع أما بموجب نص في القانون يقرر الحق في النظام أو ينبع من طبيعة نظام تدرج الوظيفة الإدارية.
  3. التظلم الى لجنة:
    توجد في نطاق الإدارة لجان متعددة يحدد القانون تشكيلاتها و إختصاصاتها تتولى مهمة النظر في تظلمات الأفراد من التصرفات غير المشروعة للجهاز الإداري و تقوم هذه اللجان بالفصل في التظلم المقدم إليها من دون الرجوع الى الرئيس الإداري.
    وطريقة اللجنة هي أفضل من الطريقتين السابقتين، إن رقابة اللجان الإدارية تشكل مرحلة وسطى بين الرقابة الإدارية و الرقابة القضائية وغالبا ما ينتهي التطور باللجان الإدارية إلى إنتقالها نحو الرقابة القضائية.
  4. التظلم الوصائي:
    التظلمات السابقة يمكن اللجوء اليها وممارستها من دون نص لكن التظلم الوصائي لا يمكن اللجوء إليه إلا بموجب نص في القانون و يرتبط بنظام اللامركزية الإدارية

الفصل الثالث - الرقابة القضائية (ص57)



ملاحظة فقط خصائص الرقابة القضائية مهمة


يقصد بالرقابة القضائية أن تباشر السلطة القضائية ممثلة بمحاكمها و على إختلاف أنواعها و درجاتها مراقبة أعمال الإدارة و تعد الرقابة القضائية أكثر أنواع الرقابة ضماناً لحقوق و حريات الأفراد نظرا لما تنطوي عليه من حيادية ونزاهة و إستقلال عن أطراف النزاع.
و ترمي الرقابة القضائية الى تحقيق هدفين، الأول في حماية حقوق الأفراد و حرياتهم، و أما الثاني فيبدو في تقويم الإدارة و إجبارها على إحترام القانون والخضوع لسلطانه و يكون ذلك عن طريق إلغاء القرارات التي تصدرها وتكون منطوية على مخالفة القانون.
إن الرقابة القضائية أما أن تتولاها المحاكم العادية في نظام القضاء الموحد أو يعهد إلى قضاء متخصص يقوم بالفصل في المنازعات الإدارية إلى جانب القضاء العادي وهذا ما يعرف بنظام القضاء المزدوج.

أولاً: نظام القضاء الموحد.

يقوم نظام القضاء الموحد على أساس وجود جهة قضائية واحدة في الدولة هي جهة القضاء العادي تتمتع بولاية عامة و شاملة في حل المنازعات. و قد شهد نظام وحدة القضاء تطورا تمثل في إنشاء عدد من اللجان الإدارية ذات الإختصاص القضائي كما أنشأت المحاكم الإدارية التي تختص بالفصل في المنازعات بين الإدارة و المنتفعين بخدماتها، و يجب ملاحظة إن هذه المحاكم ليست محاكم إدارية بكل معنى الكلمة لأن أحكامها تخضع لرقابة القضاء العادي و بالتالي فإن وجودها لا ينتقص في شئ من مبدأ وحدة القضاء والقانون.

تقدير نظام القضاء الموحد

المزايا

  1. في ظل القضاء الموحد توجد جهة قضائية واحدة تطبق أحكام المشروعية على الجميع دون تفرقة بين الحكام والمحكومين.
  2. يكفل نظام القضاء الموحد حماية الحقوق والحريات الفردية.
  3. يؤدي خضوع الإدارة في منازعاتها مع الأفراد لذات الجهة القضائية التي تفصل في منازعات الأفراد الى عدم تمتع الإدارة بأي إمتيازات.
  4. يتميز هذا النظام بالبساطة وعدم التعقيد.

العيوب

  1. لا يراعي هذا النظام طبيعة المنازعة الإدارية و إختلافها عن طبيعة المنازعات الفردية.
  2. يسمح هذا النظام للقضاء بالتدخل في شؤون الإدارة لدرجة توجيه الأوامر والنواهي لها بإلغاء و تعديل قراراتها.
  3. لا يعطي نظام القضاء الموحد أي سلطة تقديرية للإدارة.
  4. يرى البعض إن نظام القضاء الموحد لا يكفل من الناحية العملية الحماية الكافية للحقوق والحريات العامة حيث تلجأ الإدارة الى إبتداع وسائل وأساليب تجعل بعض تصرفاتها بمنأى عن الرقابة القضائية.

مدى رقابة القضاء على أعمال الإدارة في ظل القضاء الموحد

تظهر سلطة القضاء في إنكلترا التي هي مهد النظام القضائي الموحد من خلال ما يأتي
  1. رقابة الإلغاء
    تتمتع المحاكم برقابة عنصر المشروعية للقرارات الإدارية و الغاء القرار الإداري المخالف لقاعدة عرفية أو نصوص مكتوبة فضلا عن رقابة عنصر الملائمة كما للقاضي أن يأمر الموظف بعمل معين أو عدم القيام بعمل معين بل له أن يأمره بسحب قراره أو تعديله على النحو الذي يراه ملائما، فسلطة القاضي الإنكليزي هي شبيهة بالسلطة الرئاسية التي يتمتع بها الرئيس الإداري تجاه تصرفات مرؤوسيه في شأن إلغائها و سحبها و تعديلها.
  2. رقابة التعويض
    ويقصد بها تقرير مسؤولية الإدارة عن الأخطاء التي تقع من موظفيها و ترتب حقا للأفراد في التعويض عما أصابهم من أضرار وهذه المسؤولية قد تنتج عن قرار غير مشروع أو عقد إداري أو عمل خاطئ سببه الإدارة.

ثانياً: نظام القضاء المزدوج

و يقصد بالنظام القضائي المزدوج أن تتولى الوظيفة القضائية فيه جهتان قضائيتان مستقلتان هما جهة القضاء العادي و جهة القضاء الإداري الذي يختص بالفصل في المنازعات القضائية ذات الطابع الإداري أي التي تقوم بين الإدارة والأفراد بوصفها سلطة عامة أو بين الأشخاص العامة بعضها ببعض.
و يتولى القضاء الإداري النظر في المنازعات الإدارية فيراقب مشروعية أعمال الإدارة و له أن يحكم بإلغاء قراراتها غير المشروعة و يقضي بالتعويض عن تصرفاتها الضارة المخالفة للقانون، غير إن القاضي الإداري لا يحق له أن يبحث في ملائمة هذا العمل و تناسبه مع تحقيق الهدف الذي صدر من أجله، كما ليس للقاضي الإداري أن يصدر للإدارة أوامر و توجيهات أو يلزمها بإتخاذ موقف معين، حتى وإن كان هذا الموقف نتيجة منطقية لما قضى به من عدم مشروعية قرار الإدارة.

مزايا وعيوب القضاء المزدوج

مزايا هذا النظام

  1. إن وجود قضاء إداري مستقل يتفق مع طبيعة العلاقات التي تقوم بين الإدارة و الأفراد مقارنة مع تلك التي تتعلق بعلاقات الأفراد فيما بينهم.
  2. عن طريق نظام القضاء المزدوج أمكن التوفيق بين المصلحة العامة وبين المصالح و بين مصالح الأفراد المتمثلة في حماية الحقوق والحريات العامة.

عيوب هذا النظام

  1. يرى البعض إن كفالة مبدأ المشروعية يتطلب وحدة القضاء.
  2. يؤدي الأخذ بمبدأ القضاء المزدوج الى ظهور مشكلة تنازع الإختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري.
  3. إن الأخذ بنظام إزدواج القضاء يؤدي الى محاباة الإدارة على حساب الأفراد بل هو نظام قصد به تحقيق هذه المحاباة.

خصائص القضاء الإداري (ص66)

للقضاء الإداري عدد من الخصائص يتميز بها عن القضاء العادي هي:
  1. رقابة القضاء الإداري

إن الرقابة الإدارية التي يمارسها القاضي الإداري على أعمال الإدارة هي رقابة مشروعية، أي البحث عن مدى مطابقة تصرفات الإدارة للقواعد القانونية النافذة.
  1. لا رقابة للقضاء الإداري على الملائمة

إن القاضي الإداري هو قاضي مشروعية فلا تكون له السلطة للتصدي لمدى ملائمة التصرفات الإدارية. إلا إن القضاء الإداري قرر إمكانية بحث عنصر الملائمة عندما يتعلق الأمر بقرارات مقيدة للحرية كذلك في ميدان تناسب الجزاء مع خطأ الموظف، و لذلك يصبح عنصر الملائمة من عناصر المشروعية مما يسبغ عليه صفة قضاء المشروعية و ليس قضاء الملائمة.
  1. القضاء الإداري لا يحل محل الإدارة في الإختصاص

إن القضاء الإداري يقضي ولا يدير.

مقارنة بين الرقابة الإدارية و الرقابة القضائية

هناك إختلاف ما بين جهتي الرقابة الإدارية والقضائية من حيث الطبيعة القانونية لكل منهما، ذلك إنهما يخضعان إلى قواعد مختلفة، وهذا الإختلاف يتجلى في النقاط التالية:
  1. تمارس الرقابة القضائية من قبل المحاكم بينما تمارس الرقابة الإدارية من قبل السلطات الإدارية.
  2. لا تتحرك الرقابة القضائية إلا بدعوى يتقدم بها المتضرر من التصرف الإداري بينما تتحرك الرقابة الإدارية في بعض الأحيان بصورة تلقائية من دون حاجة الى نظام.
  3. الرقابة الإدارية أوسع من الرقابة القضائية من حيث مداها لأنها تشمل رقابة المشروعية ورقابة الملائمة بينما تقتصر الرقابة القضائية على رقابة المشروعية دون رقابة الملائمة إلا في ميادين محددة سبق الإشارة اليها.
  4. إن التظلم أمام الإدارة يتم من دون نفقات يتكبدها المتظلم من القرار وفق إجراءات و شكليات أكثر سهولة بالمقارنة مع الطعن القضائي.
  5. للرقابة الإدارية فاعلية أكبر من الرقابة القضائية، فالإدارة تستطيع من خلال الرقابة الرئاسية أن تحل محل الموظف المتقاعس عن إصدار القرار المطلوب فتتخذ القرار نيابة عنه.
  6. لا تتضمن الرقابة الإدارية جميع آثار القرار القضائي كحجية الشئ المقضي به.


ترك

المطلب الأول - إختصاصات مجلس شورى الدولة الإستشارية

يباشر مجلس شورى الدولة إختصاصات في مجال التقنين و أخرى في مجال الإستشارة القانونية وكما يلي: ص 101

أولاً: دور المجلس في مجال التقنين

تسهم دقة الصياغة في ديمومة التشريع و بقائه، كما إن التنسيق و الترابط مطلوب بين مختلف التشريعات من أجل الحفاظ على وحدة البناء القانوني في الدولة، لذلك يعهد بمهمة الصياغة التشريعية الى متخصصين أكفاء من القانونين، لذلك نصت المادة الخامسة على دور مجلس شورى الدولة في مجال التقنين على إنه يمارس.
  1. إعداد و صياغة مشروعات التشريعات المتعلقة بالوزارات والجهات غير المرتبطة بوازارة بطلب من الوزير المختص بعد أن يرفق بها ما يتضمن أسس التشريع المطلوب مع جميع أولياته وآراء الوزارات أو الجهات ذات العلاقة.
  2. تدقيق جميع مشروعات التشريعات المعدة من الوزارات من حيث الشكل و الموضوع على النحو الآتي:
    1. تلتزم الوزارات المختصة بإرسال مشروع التشريع الى الوزارة او الجهة ذات العلاقة لبيان رأيها قبل عرضه على المجلس.
    2. يرسل مشروع التشريع الى المجلس بكتاب موقع من الوزير المختص مع أسبابه الموجبة وآراء الوزارات أو الجهات ذات العلاقة مشفوعة بجميع الأعمال التحضيرية.
    3. يتولى المجلس دراسة المشروع وإعادة صياغته عند الإقتضاء و إقتراح البدائل التي يراها ضرورية وإبداء الرأي فيه، ورفعه مع توصيات المجلس الى أمانة مجلس الوزراء وإرسال نسخة الى الجهة ذات العلاقة.
  3. الإسهام في ضمان وحدة التشريع و توحيد أسس الصياغة التشريعية وتوحيد المصطلحات والتعابير القانونية.
  4. تقدم هيأة الرئاسة في المجلس تقرير سنوي الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء يتضمن ما أظهرته الأحكام أو البحوث من نقص في التشريع النافذ أو غموض فيه أو حالات إساءة إستخدام السلطة من أي جهة كانت.

ثانياً: دور المجلس في مجال الرأي والمشورة القانونية

إبداء الرأي و تقديم المشورة القانونية الى الجهات الإدارية التي تطلبها و لكن هذه الإستشارة لا تعدو أن تكون مجرد آراء إستشارية غير ملزمة للجهة الإدارية التي طلبتها و بينت المادة السادسة مهام المجلس في مجال الرأي والمشورة القانونية على النحو الآتي:
  1. إبداء المشورة القانونية في المسائل التي تعرضها عليه الجهات العليا.
  2. إبداء المشورة القانونية في الإتفاقات والمعاهدات الدولية قبل عقدها أو الإنضمام إليها.
  3. إبداء الرأي في المسائل المختلف عليها بين الوزارات و يكون رأي المجلس ملزما فيها.
  4. إبداء الرأي في المسائل القانونية إذا حصل تردد لدى إحدى الوزارات على أن تشفع برأي الدائرة القانونية فيها.
  5. توضيح الأحكام الأحكام القانونية عند الإستيضاح عنها من قبل أحدى الوزارات أو الجهات غير المرتبطة بوزارة.
  6. لا يجوز لغير الوزير المختص عرض القضايا على المجلس.

ثالثاً: سير العمل في إداء مجلس شورى الدولة لإختصاصاته الإستشارية

يحيل الرئيس مشروعات التشريعات و القضايا المعروضة على المجلس الى إحدى الهيآت أو الى هيأة خاصة تؤلف بموافقة وزير العدل لدراستها وإبداء الرأي فيها. وفي الهيأة المكلفة يقوم عضو من أعضائها بدراسة الموضوع وإعداد تقرير عنه، و له في سبيل ذلك طلب حضور ممثل عن الجهة ذات الشأن لإستكمال المعلومات بدرجة مدير على الأقل، ثم يوزع التقرير مع مشروع التشريع على الأعضاء لمناقشتها وإتخاذ القرار و بعد أداء الهيئة لمهمتها يحال ما تنجزه الى رئيس المجلس الذي يقوم بدوره بإحالة مشروعات القوانين الى الهيأة العامة لمناقشته المبادئ التي تضمنها مشروع القانون بحضور ممثل الجهة أو الجهات ذات الشأن عند الإقتضاء أو بناء على توصية الهيأة المكلفة بدراسة المشروع.
أما فيما يتعلق بالمشورة القانونية فيعد رأي الهيأة نهائيا إذا وافق عليه الرئيس واذا لم يتم الإتفاق يكون للرئيس احالة القضية على الهيئة العامة أو الموسعة في الأحوال التالية
  1. إذا أقرت أحد الهيئات مبدأ جديدا.
  2. إذا كان للمجلس رأي سابق يخالف الرأي الجديد.
  3. إذا أوصت الهيأة المكلفة بدراسة القضية بذلك.
  4. إذا رأى رئيس المجلس أن القضية ذات أهمية أو تشكل مبدأ مهما.

المطلب الثاني - إختصاصات مجلس شورى الدولة القضائية (ص 105)

يتمثل الدور القضائي لمجلس شورى الدولة بالإختصاصات التي تتولاها كل من محكمة قضاء الموظفين و محكمة القضاء الإداري و فيما يلي عرض مفصل لإختصاصاتها القضائية.

أولاً: محكمة قضاء الموظفين

تختص محكمة قضاء الموظفين بنظر المنازعات المتعلقة ببعض شؤون الموظفين التي حددتها قوانين مختلفة. هي قانون مجلس شورى الدولة وقانون إنضباط موظفي الدولة، وقانون الخدمة المدنية، و ترد اختصاصاتها الى مجموعتين، أولهما إختصاصات في مجال إنضباط موظفي الدولة، و ثانيهما إختصاصات المحكمة في مجال النظر في دعاوى الموظفين الخاصة بحقوق الخدمة.
  1. المجموعة الأولى - إختصاصات محكمة قضاء الموظفين في مجال إنضباط موظفي الدولة.
النظر في الطعون التي يرفعها الموظفون ضد العقوبات المفروضة عليهم وهي لفت النظر و قطع الراتب والتوبيخ و إنقاص الراتب و تنزيل الدرجة و الفصل و العزل. و هذا الحق لمن يشغل درجة مدير عام فما فوق عند عقوبته من الوزير وذلك خلال ثلاثين يوما من تأريخ تبليغ الموظف بقرار فرض العقوبة و على الجهة المذكورة البت فيه خلال ثلاثين يوما من تأريخ تقديمه وعند عدم البت فيه رغم إنتهاء هذه المدة يعد ذلك رفضا للتظلم و يشترط أن يقدم الطعن لدى محكمة قضاء الموظفين خلال ثلاثين يوما من تأريخ تبليغ الموظف برفض التظلم حقيقة أو حكما.
  1. المجموعة الثانية - إختصاصات محكمة قضاء الموظفين في مجال الحقوق المدنية.
و تتمثل هذه المنازعات بالطلبات التي يقدمها أصحاب الشأن بالطعن في الأوامر والقرارات الإدارية الصادرة بالتعيين و الترفيع والعلاوة والإستغناء عن الخدمة في فترة التجربة وإعادة الموظف الى وظيفته السابقة و تشمل القضايا الخاصة بالرواتب والمخصصات المستحقة للموظفين واحتساب القدم للترفيع بسبب الحصول على الشهادات الجامعية اوالدورات التدريببة. ولا تسمع الدعوى التي تقام بشأن حقوق الخدمة بعد مضي (30) يوما من تأريخ تبليغ الموظف بالأمر المعترض عليه إذا كان داخل العراق و (60) يوما إذا كان خارجه.

ثانياً. محكمة القضاء الإداري

أشار البند أولا من المادة السابعة من قانن التعديل الخامس لقانون مجلس شورى الدولة رقم 17 لسنة 2013 الى تشكيل محكمة تسمى (محكمة القضاء الإداري) في المنطقة الشمالية والوسطى والفرات الأوسط والجنوبية، و تشكل هذه المحكمة برئاسة نائب الرئيس لشؤون القضاء الإداري أو مستشاره وعضوين من المستشارين أو المستشارين المساعدين.

إختصاص المحكمة

تختص محكمة القضاء الإداري بالفصل في صحة الأوامر والقرارات الإدارية الفردية و التنظيمية التي تصدر عن الهيئات في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والقطاع العام بناءا على طلب من ذي مصلحة معلومة و حالة ممكنة.

أسباب الطعن

يعد من أسباب الطعن في الأوامر والقرارات بوجه خاص ما يأتي.
  1. أن يتضمن الطعن في الأوامر أو القرار خرقا أو مخالفة للقانون أو الأنظمة أو التعليمات أو ألأنظمة الداخلية.
  2. أن يكون الأمر أو القرار قد صدر خلافا لقواعد الإختصاص أو معيبا في شكله أو في الإجراءات أو في محله أو سببه.
  3. أن يتضمن الأمر أو القرار خطأ في تطبيق القوانين والأنظمة أو التعليمات أو الأنظمة الداخلية.

أجراءات الطعن أمام محكمة القضاء الإداري

يشترط قيل تقديم الطعن الى محكمةالقضاء الإداري التظلم من القرار لدى الجهة الإدارية المختصة خلال (30) يوما من تأريخ تبلغه بالأمر او القرار الإداري، و عند عدم البت في التظلم او رفضه فإن على المتظلم أن يقدم طعنه الى محكمة القضاء الإداري خلال ستين يوما من تأريخ رفض التظلم حقيقة أو حكما و على المحكمة تسجيل الطعن لديها بعد إستيفاء الرسم القانوني.
إن مضي مدة الستون يوما تعني تحصين القرار الإداري من الطعن به حتى لو كان القرار غير مشروع، و لكن يبقى للمعني بالقرار الحق في مراجعة المحاكم العادية للمطالبة بحقوقه في التعويض عن الأضرار الناشئة عن المخالفة أو الخرق للقوانين.

صلاحية المحكمة

تبت محكمة القضاء الإداري في الطعن المقدم اليها و لها أن تقرر ما يلي:
  1. رد الطعن: عند عدم استيفاء الشروط الواجب توفرها في الدعوى كمرور مدة الطعن أو عدم وجود مصلحة للطاعن.
  2. الغاء الأمر او القرار الإداري: كأن يكون القرار معيبا بعيب الإختصاص أو عيب الشكل أو عيب المحل او عيب السبب او عيب الغاية، وقد يأتي الإلغاء على كامل القرار الإداري أو جزء منه و يترتب على الإلغاء أثر عام و لا يقتصر على أطراف الدولة و يزيل القرار الإداري بأثر رجعي.
  3. تعديل الأمر أو القرار: للمحكمة الحق في تعديل القرار المطعون به وذلك بإلغاء جزء من القرار.
  4. الحكم بالتعويض: لقد منح المشرع المحكمة صلاحية الحكم بالتعويض إن كان له مقتضى بناء على طلب المدعي.

تمييز حكم الإلغاء

بعد صدور الحكم من محكمة القضاء الإداري سواء كان الحكم يقضي بإلغاء القرار أو رد الدعوى فإن حكمها يكون قابلا للطعن به لدى المحكمة الإدارية العليا خلال مدة (30) يوما من اليوم التالي لتبليغ الحكم أو إعتباره مبلغا.

أسباب الطعن تمييزا لدى المحكمة الإدارية

ص 114

الباب الرابع - دعوى الإلغاء

تعرف دعوى الإلغاء بأنها دعوى قضائية يرفعها صاحب الشأن الى القضاء الإداري طالباً فيها إلغاء قرار إداري صدر مخالفاً للقواعد القانونية النافذة.

خصائص دعوى الإلغاء

  1. دعوى الإلغاء من صنع القضاء الإداري.
إنها نشأت في فرنسا كدعوى من صنع مجلس الدولة الفرنسي قبل النص التشريعي عليها. أما في العراق فقد نشأت الدعوى بمقتضى نصوص تشريعية، و تزال محكمة القضاء الإداري تلعب دورا رئيسيا وإنشائيا في التوسع بتفسير و تطبيق النصوص الخاصة بدعوى الإلغاء وإيجاد حلول لإمور لم ترد في التشريع.
  1. دعوى الإلغاء دعوى قضائية.
الدعوى القضائية هي تلك التي يصدر فيها القضاء حكما واجب التنفيذ من دون توقف على تصديق جهة أخرى. ومن المعروف إن دعوى الإلغاء نشأت كتوصية من مجلس الدولة الفرنسي ومنذ 1872 تقرر للمجلس سلطة القرار البات وبذلك إنتقلت دعوى الإلغاء من (القضاء المحجوز) الى مرحلة (القضاء المفوض) فأصبح المجلس يصدر أحكاما قضائية لا مجرد توصيات إدارية.
  1. دعوى الإلغاء دعوى موضوعية.
تعد دعوى القضاء من القضاء الموضوعي أو القضاء العيني، لأنها تتعلق بفحص شرعية القضاء المطعون فيه، و ذلك بغض النظر عن الحقوق الشخصية لرافع الدعوى، فدعوى الإلغاء إنما تكون ضد القرار الإداري ذاته وليست ضد شخص معين، فهدف دعوى الإلغاء هو حماية القواعد القانونية و ضمان عدم مخالفتها.
  1. دعوى الإلغاء دعوى عامة للشرعية.
تعد دعوى الإلغاء هي طريق الطعن الأصلي لإلغاء القرارات الإدارية، و تعد دعوى القانون العام أو الدعوى العامة، و بهذا تعد دعوى الإلغاء من النظام العام فلا يجوز منع رفع دعوى الإلغاء إلا بنص خاص و صريح. وإن يجوز التنازل عنها بعد رفعها إلا إنه لا يجوز التنازل مقدما عن الحق في رفع دعوى الإلغاء.

الفصل الأول - شروط قبول دعوى الإلغاء - 137

وهي الشروط التي يجب توافرها في الدعوى لكي يمكن قبولها أمام المحكمة المختصة، وفي حالة تخلف أحد هذه الشروط تقرر المحكمة رد الدعوى. وهي أربعة شروط وكما يلي:

المبحث الأول - شروط تتعلق بالقرار المطعون فيه بالإلغاء

يشترط توافر ثلاثة شروط أساسية في القرار المطعون

أولاُ: أن يكون القرار المطعون فيه نهائياً:

أي القرار الصادر من جهة إدارية من دون الحاجة إلى إعتماده أو التصديق عليه من جهة أعلى، إن القرارات الإدارية يجب أن تستنفذ كافة مراحل التدرج الإداري لوجودها القانوني من حيث التوصية والمناقشة والإقتراح وإعداد صيغة القرار ثم التصديق عليه. حيث إن القرار قبل التصديق عليه لا يعد سوى مجرد إجراء تمهيدي لا يترتب عليه أي أثر ومن ثم لا يقبل الطعن فيه بالإلغاء. كذلك لا يجوز الطعن بالإلغاء في الإجراءات التحضيرية أو التمهيدية كالتوجيهات و التوصيات و التبليغات أو الأعمال اللاحقة لصدوره والتي لا تحدث أثرا قانونيا كالتعليمات و المنشورات التي تصدر تسهيلا لتنفيذ هذه القرارات شريطة أن لا تتضمن قواعد جديدة.

ثانياً: أن يكون القرار الإداري مؤثرا في مركز الطاعن.

يشترط أن يكون القرار الإداري المطعون فيه قد أثر في المركز القانوني للطاعن، أي يجب أن يحدث أثرا قانونياً، وإلا فلا يقبل الطعن فيه بالإلغاء. فلا يمكن الطعن في عناصر القرار الإداري كسبب القرار دون منطوقه، ولا يجوز الطعن بالإلغاء في الأعمال التي تكون مجرد رأي للإدارة فهي وجهة نظر وليست قرارا إداريا ينتج آثارا قانونية، و كذلك لا يقبل الطعن بالإلغاء في الإعمال التي تكشف فيها الإدارة عما تنوي القيام به مستقبلاً ولا يقبل الطعن أيضا ضد الأعمال التحضيرية التي تمهد لإصدار القرار الإداري.

ثالثاً: أن يكون القرار الإداري صادرا من سلطة إدارية وطنية

وهو شرط جوهري و منطقي ويتفق مع السيادة، فالقاعدة العامة هي إن دعوى الإلغاء إنما تقبل الطعن في القرارات الإدارية الصادرة من السلطات الإدارية الوطنية، و لا تقبل بالطعن ضد القرارات الصادرة من سلطات إدارية أجنبية. ويشترط أيضا في القرار المطعون فيه أن يكن صادرا من سلطة إدارية سواء كانت مركزية كرئيس الوزراء او الوزراء أو سلطة لا مركزية كمجالس المحافظات، لذا فإن القرارات الصادرة من الأفراد لا تعد قرارات إدارية و لا يقبل الطعن عليها بالإلغاء.

المبحث الثاني - شرط يتعلق بمصلحة رافع الدعوى -141

أولاً: شروط المصلحة في دعوى الإلغاء

  1. أن تكون المصلحة شخصية ومباشرة.
    1. المصلحة المادية والمصلحة الأدبية
      يشترط لقبول دعوى الإلغاء توافر شرط المصلحة الشخصية المباشرة سواء كانت مادية أو أدبية، المادية كطلب إلغاء قرار إداري برفض منحه الترخيص لمزاولة مهنة، والأدبية كحالة الطعن بإلغاء القرار الصادر بسحب الجنسية.  وقد تكون المصلحة مادية وادبية في آن واحد كما في حالة طعن الموظف بقرار فصله من الوظيفة.
    2. المصلحة المحققة والمصلحة المحتملة
      تكون المصلحة محققة إذا تأكد مقدما إن المدعي في دعوى الإلغاء سينال فائدة من إلغاء القرار المطعون فيه سواء كانت الفائدة مادية أو أدبية، و تكون محتملة إذا لم يكن من المؤكد حصول هذه الفائدة عاجلاً لرافع الدعوى.
  2. توافر المصلحة وقت رفع الدعوى
إن توافر المصلحة وقت رفع الدعوى يعد شرطا لقبولها، أما عن ضرورة إستمرار تحقق هذا الشرط لحين الفصل في الدعوى فهو محل خلاف على صعيد الفقه والقضاء الإداريين. القضاء الإداري المصري يتطلب ضرورة إستمرار شرط المصلحة لحين الفصل في الدعوى و كذلك الحال للقضاء العراقي.

ثانياً: أنواع المصالح في دعوى الإلغاء

أن المصالح في دعوى الإلغاء تنقسم على أساس صفة الطاعن بينما في الدعاوى العادية تنقسم على أساس الحقوق.
  1. مصالح الأفراد
  2. مصالح الموظفين
  3. مصالح الهيئات

المبحث الثالث - شرط ميعاد رفع دعوى الإلغاء - 147

المطلب الأول - بدء ميعاد الطعن -149

يبدأ ميعاد الطعن بالإلغاء من تأريخ نشر أو تبليغ  القرار الإداري المطعون فيه أو العلم اليقيني بالقرار الإداري.

أولاً: النشر

يقصد به نشر القرارات الإدارية في الجريدة الرسمية أو النشرات المصلحية. و لكي ينتج النشر أثره بالنسبة لسريان ميعاد دعوى الإلغاء فإنه يجب أن يكشف عن محتوى القرار و مضمونه. ويكون النشر بعد إكتمال مراحل القرار كافة، وإذا نشر قرار صادر عن سلطة محلية قبل مصادقة سلطة الولاية عليه فإن النشر يكون عديم الفائدة تجاه سريان المدة.

ثانياً: التبليغ

التبليغ هو الوسيلة الأساس للعلم بالنسبة للقرارات الفردية، ويشترط بالتبليغ أ، يكون شاملا لعناصر القرار الإداري حتى ينتج أثره في ميعاد الطعن بالإلغاء.

ثالثاً: العلم اليقيني

هو علم صاحب المصلحة بفحوى القرار علما يقينا نافيا للجهالة، فهذا العلم يقوم مقام النشر والتبليغ ويبدأ سريان الميعاد من هذا التأريخ.

المطلب الثاني - حالات إطالة المدة -152

يعد الميعاد المحدد لرفع دعوى الإلغاء من النظام العام و لهذا لا يجوز الخروج عليه في جميع الأحوال، إلا إن ميعاد الطعن قد يمتد لأسباب قانونية أو قضائية محددة مما يؤدي الى إطالة المدة بوقف هذا الميعاد أو قطعه.

أولاً: وقف الميعاد

يقصد بوقف ميعاد الطعن عدم سريان مدته بعد بدئها بصفة مؤقتة على أن يستكمل سريانه بعد زوال سبب الوقف، و يترتب عليه إحتساب مام إنقضى من ميعاد الطعن و يسري مما بقي منها إستكمالا لها.
ويقف ميعاد رفع دعوى الإلغاء بسبب القوة القاهرة، كأن تمضي على مدة الطعن 40 يوما ثم تحصل حالة القوة القاهرة فيتوقف الميعاد عند 40 يوما و بعد زوال الحادث يبدأ سريان الميعاد لإستكمال مدة 60 يوم.

ثانياً: قطع الميعاد

يعني قطع الميعاد أن يقع أمر معين أو حدوث واقعة محددة تؤدي الى إسقاط الأيام التي مضت من حساب الميعاد على أن يبدأ ميعاد كامل و جديد بعد إنقضاء الأمر أو الواقعة و لا يهم حصول هذه الواقعة في بداية المدة أو وسطها أو عند نهايتها.
وينقطع ميعاد الطعن بدعوى الإلغاء بإجراء من ثلاث إجراءات هي التظلم الإداري و طلب الإعفاء من الرسوم القضائية و رفع دعوى الإلغاء أمام محكمة غير مختصة
  1. التظلم الإداري -153
هو طلب يتقدم به صاحب المصلحة الى الجهة الإدارية التي صدر عنها القرار الإداري يطلب منها إعادة النظر في قرارها الذي أضر به أو مس مركزه القانوني و ذلك بسحبه أو إلغائه أو تعديله.
أنواع التظلم
و يقسم التظلم الى نوعين:
  • التظلم الإختياري: هو إعطاء الحق لصاحب العلاقة بالتوجه للإدارة للتظلم من قرارها أو اللجوء مباشرة الى القضاء للطعن بالقرار الإداري.
  • التظلم الإجباري: وهو حالة فرض المشرع على صاحب المصلحة وجوب التظلم من القرار الإداري أمام الجهة التي أصدرته قبل الطعن به أمام القضاء، و بذلك يصبح التظلم شرط وجوبي لقبول دعوى الإلغاء. في العراق جميع التظلمات وجوبية من أجل رفع دعوى الإلغاء، و على الجهة الإدارية أن تبت بالتظلم خلال مدة (30) يوما من تأريخ تسجيل التظلم لديها، و عند عدم البت في التظلم أو رفضه خلال المدة المحددة تقوم المحكمة بتسجيل الطعن لديها. و على المتظلم أن يقدم طعنه الى المحكمة خلال مدة (60) يوما من تأريخ إنتهاء مدة (الثلاثين يوماً) و إلا سقط حقه في الطعن.
شروط التظلم - 155
  1. أن يقدم التظلم من قبل صاحب الشأن أو نائبه القانوني في حالة ما إذا كان صاحب الشأن ناقص الأهلية أو عديم الأهلية.
  2. يجب أن يقدم التظلم بعد صدور القرار الإداري.
  3. رفع التظلم الى الجهة الإدارية المختصة وهي التي أصدرت القرار أو الجهة الرئاسية لها.
  4. يجب أن يقدم التظلم في الميعاد الذي حدده القانون، أو خلال المدة التي يجوز فيها رفع دعوى الإلغاء و في حال مضي المدة يسقط حق الطاعن في المطالبة بالإلغاء و يتحصن القرار الإداري رغم عيوبه ويأخذ حكم القرار السليم و يمتنع على رجل الإدارة سحبه أو إلغاؤه.
  5. ان يكون التظلم واضحا و محدد المعنى
  6. أن يكون التظلم مجديا
أهمية التظلم (الحكم من التظلم) - 156
  1. أنه يؤدي بالإدارة الى أن تسلك سبيل التأني و الحيدة و الموضوعية عند إصدارها لقراراتها لأنها تخشى من إعادة النظر فيها من قبل الجهات الإدارية العليا.
  2. يخفف التظلم عن كاهل القضاء عن طريق حل كثير من المنازعات بطريقة ودية في مراحلها الأولى.
  3. إن التظلم الإداري يتناول جميع أعمال الإدارة و لذا فإنه يبسط المشروعية على أكبر قدر ممكن منها.
  4. إنه يمثل رقابة متكاملة في مضمونها و دائمة في تطبيقها.
  5. إن التظلم الإداري يشكل رقابة فعالة وسريعة بالقياس الى الرقابة القضائية.
  6. إن كثرة التظلمات الإدارية من موضع معين و كثرة ما تتخذه الإدارة بصدده من حلول يمكن أن يقدم للسلطة التشريعية دراسات و وثائق معتبرة تكون دليل عند إصدارها لقانون جديد.
آثار التظلم - 157
إن التظلم المعتبر قانونا لقطع ميعاد دعوى الإلغاء هو الذي يقع قبل إنقضاء مدة الطعن القضائي. في العراق على الإدارة البت في التظلم خلال مدة (30) يوم من تأريخ تسجيل التظلم لديها، و عند عدم البت في التظلم أو رفضه تقوم محكمة القضاء الإداري بتسجيل الطعن لديها.
  1. طلب الإعفاء من الرسوم القضائية
إستقر القضاء على إعتبار تقديم طلب الإعفاء من الرسوم القضائية تمهيدا لرفع الدعوى قاطعا لسريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء لتبدأ مدة (60) يوما جديدة تبدأ من تأريخ إعلان القرار الصادر في طلب الإعفاء من الرسوم القضائية. وذلك لرغبة الطاعن في التمسك بحقه، فإذا جاء القرار بقبول طلب الإعفاء فإن صاحب الشأن يستطيع أن يقيم دعواه خلال الميعاد الجديد وهو (60) يوم من تأريخ صدور القرار، أو برفع دعواه بعد تسديد الرسوم في حالة صدور القرار برفض طلبه.
  1. رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة
يؤدي رفع الدعوى أمام محكمة غير مختصة الى قطع مدة الطعن المقررة لرفع الدعوى، و يبقى ميعاد الطعن منقطعا الى أن يصدر حكم نهائي من المحكمة المرفوعة أمامها الدعوى، و عندها يبدأ سريان الميعاد الجديد و هو (60) يوماً من تأريخ الحكم بعدم الإختصاص. و يجب أن يكون رفع دعوى الإلغاء أمام محكمة غير مختصة قد تم خلال مدة الطعن المقررة قانوناً.

المطلب الثالث - آثار إنتهاء مدة الطعن بالإلغاء - 159

إن فوات المواعيد المقررة لرفع الدعوى هو من النظام العام و لذلك لا يجوز للمحكمة أن تتجاهله و يترتب على إنقضاء ميعاد الطعن بالإلغاء تجاه قرار إداري من دون رفع الدعوى أن يصبح القرار نهائيا و محصنا تجاه أي طعن بعدم المشروعية.
و لكن القضاء الإداري إستطاع أن يضع بعض الحلول بغية الوصول الى تطهير الساحة القانونية من قرار إداري غير مشروع قد تحصن ضد الإلغاء وهي:
  1. إذا كان باب الإلغاء قد أغلق بفوات الميعاد، فإن ميدان التعويض يبقى مفتوحا، و ذلك لأن دعوى التعويض لا تتقادم إلا بمضي فترة طويلة تصل الى (15) سنة طبقا لقواعد القانون المدني.
  2. إذا كان القرار لائحيا  وإنقضت مواعيد الدعوى بالإلغاء فإنه يجوز لكل من يخضع الى أحكامه أن يدفع بعدم مشروعية القرار اللائحي المطلوب تطبيقه عليه.
  3. إذا إنقضت مواعيد الطعن إلغاء قرار إداري تنظيمي، فإنه يجوز للفرد الإنتظار حتى يصدر قرار فردي طبقا للائحة فيطعن بالقرار الفردي بالإلغاء مؤسسا طلبه على عدم مشروعية اللائحة التي إستند عليها القرار الفردي.
  4. القاعدة العامة إن القرار الإداري الفردي محصنا بفوات ميعاد الطعن، إلأ إن هناك قرارات فردية مستمرة الأثر و متجددة النتائج مثل قرار منع المواطن من السفر خارج البلاد، فيطلب في هذه الحالة رفع اسمه من القوائم الممنوعة من السفر في كل مناسبة يريد فيها السفر و كل قرار يصدر برفض طلبه يعتبر قرارا إداريا جديدا يحق له الطعن فيه بالإلغاء مستقلا.
  5. حالة تغيير الظروف التي صدر في ظلها القرار الإداري.
  6. حالة ظهور المصلحة بعد إنقضاء ميعاد الطعن، أجاز القضاء الإداري رفع دعوى الإلغاء خلال الميعاد القانوني المحدد لرفعها من تأريخ ظهور المصلحة بعد أن كانت خافية.

المبحث الرابع - إنعدام طرق الطعن الموازي - 161

مجلس الدولة الفرنسي قرر عدم قبول دعوى الإلغاء إذا كان الطاعن يستطيع اللجوء الى طريق قضائي آخر للحصول على ذات النتيجة التي يحصل عليها من دعوى الإلغاء.

أساس النظرية

ذهب البعض الى إعتبار الطعن بالإلغاء هو طعن إحتياطي أو إستثنائي لا يجب اللجوء اليه طالما إن القانون قد نظم دعوى قضائية أخرى. وذلك للحد من كثرة الدعاوى المرفوعة أمام مجلس الدولة.
جانب آخر من الفقه ذهب في تبريره الى مبدأ (إن الخاص يقيد العام) أي منح القواعد الخاصة الأولية تجاه القواعد العامة، و لذلك فإن مجلس الدولة غير مختص بنظر المنازعات التي جعلها القانون من إختصاص جهات أخرى كالقضاء العادي أو المحاكم الإدارية، فالطعن الموازي يقوم على إحترام قواعد الإختصاص.

شروط الطعن الموازي - 162

  1. يجب أن يكون الطعن الموازي الذي يحول دون قبول دعوى الإلغاء دعوى قضائية.
  2. أن يكون الطعن الموازي متمثلا في دعوى لا مجرد دفع.
  3. يجب أن يؤدي الطعن الموازي الى الحصول على نفس النتيجة التي تؤدي اليها دعوى الإلغاء.
  4. أن يكون الطعن الموازي من إختصاص محاكم قضائية أخرى غير مجلس الدولة.

الفصل الثاني - أسباب الطعن بالإلغاء -164

المبحث الأول - عيب الإختصاص - 165

هو أول عيب من عيوب القرار الإداري الذي إعتمده مجلس الدولة الفرنسي و يعرف بأنه (عدم القدرة قانونا على إتخاذ قرار معين وذلك لضرورة صدوره من عضو أو هيأة أخرى).
و يمتاز عيب الإختصاص إنه من النظام العام و يترتب على ذلك النتائج التالية:
  1. للقاضي إذا تبين له صدور القرار الإداري من غير صاحب الإختصاص أن يتصدى لعيب الإختصاص و أن يحكم به من تلقاء نفسه، و إن لم يثره رافع الدعوى كسبب للإلغاء.
  2. لا يجوز للإدارة أن تتفق مع الأفراد على تعديل قواعد الإختصاص المقررة في نصوص القوانين.
  3. لا يجوز للإدرة مخالفة قواعد الإختصاص تحت ذريعة الإستعجال.
  4. يجوز الدفع بعدم الإختصاص بأي مرحلة من مراحل دعوى الإلغاء.
  5. لا يمكن للقاضي التوسع في تفسير النصوص المتعلقة بالإختصاص.
  6. لا يمكن تصحيح القرار الإداري المعيب بسبب الإختصاص بل يجب صدور قرار جديد تتوفر فيه شروط القرار الإداري الصحيح.
صور عيب الإختصاص
عيب عدم الإختصاص في القرار الإداري قد يكون في صورة عدم إختصاص جسيم (عيب إغتصاب السلطة) أو في صورة عيب إختصاص بسيط متمثلا في إعتداء جهة إدارية على إختصاصات جهة إدارية أخرى.

المطلب الأول - عيب الإختصاص الجسيم (إغتصاب السلطة) - 167

يصبح عيب الإختصاص من قبيل إغتصاب السلطة عندما يكون العيب جسيما و يترتب على ذلك إن القرار الإداري لا يعد باطلا فحسب بل معدوما وفاقدا لصفته الإدارية و لا يخضع للتحصين بفوات ميعاد الطعن. وحالات إغتصاب السلطة هي:
أولاً: صدور القرار ممن لا يتصف بصفة الموظف العام (فرد عادي)
وردت إستثناء على هذه الحالة وهو ما يتعلق بنظرية الموظف الفعلي في الظروف العادية أو الإستثنائية
  1. نظرية الموظف الفعلي في الظروف العادية
    هو الشخص الحسن النية الذي تعامل من دون علم بحقيقة الأمر مع من ظهر بمظهر الموظف الفعلي الذي جرى تعيينه بطريقة قانونية صحيحة، ثم إتضح لاحقا عدم صحة التعيين، فتعد القرارات الصادرة من هذا الموظف صحيحة رغم بطلان تعيينه.
  2. نظرية الموظف الفعلي في الظروف الإستثنائية
    تقوم النظرية على اساس تسيير المرفق العام بإنتظام في ظروف الحرب مثلا عندما تختفي السلطة الإدارية فيبادر بعض الأفراد العاديين الى ممارسة الوظيفة الإدارية و إصدار القرارات الضرورية لإستمرارية اداء المرفق العام لنشاطه.
ثانياً: صدور القرار من موظف لا صلة له بإصدار القرارات.
ثالثاً: إعتداء السلطة التنفيذية على إختصاص السلطة التشريعية.
رابعاً: إعتداء السلطة التنفيذية على إختصاص السلطة القضائية.
خامساً: إعتداء سلطة إدارية على إختصاص سلطة إدارية لا تمت لها بصلة.

المطلب الثاني - عيب الإختصاص البسيط - 170

ويقع عيب الإختصاص البسيط داخل السلطة التنفيذية وبين إدارتها و موظفيها و ذلك عند مخالفة قواعد توزيع الإختصاص فيتجاوز مصدر القرار حدود إختصاصه. ولا يؤدي هذا العيب الى إنعدام القرار بل إلى بطلانه للإلغاء فحسب، و لا يجوز الطعن فيه بالإلغاء إلا خلال مدة معينة لأن فوات هذه المدة يعني تحصن هذا القرار من الطعن بالإلغاء. وهناك ثلاث صور لعيب الإختصاص البسيط هي:
أولاً: عدم الإختصاص من حيث الموضوع.
يعني صدور القرار في موضوع معين يكون من إختصاص موظف أو هيأة غير التي قامت بإصداره.
  1. إعتداء من السلطة المركزية على إختصاص الهيئات اللامركزية.
  2. إعتداء سلطة إدارية عليا على إختصاص سلطة أدنى منها.
  3. إعتداء سلطة إدارية أدنى على سلطة أعلى منها.
  4. إعتداء سلطة مركزية على إختصاص سلطة لا مركزية.
ثانياُ: عدم الإختصاص الزماني.
صاحب الإختصاص يجب أن يمارس إختصاصه خلال المدة الزمنية التي يثبت له فيها هذا الإختصاص.
ثالثاً: عدم الإختصاص المكاني.
القواعد القانونية قد تحدد لرجل الإدارة نطاق إقليمي معين يمارس فيه إختصاصه الممنوح له، ومن ثم لا يجوز لأي موظف تخطي حدود هذا الإختصاص و بعكسه يكون قراره معيب بعدم الإختصاص المكاني.

المبحث الثاني - عيب الشكل -174

يقصد بعيب الشكل عدم إلتزام الإدارة بالإجراءات و الشروط الشكلية الواجب إتباعها في إصدار القرارات الإدارية، و لقواعد الشكل في القانون أهمية خاصة لأن إحترامها يحقق المصلحة العامة و كذلك المصلحة الذاتية للأفراد.
إستقر القضاء على وضع موازنة بين عدم التشدد في التمسك بقواعد الشكل الى الحد الذي يعوق من نشاط الإدارة و بين عدم السماح بالإعتداء على قواعد الشكل الى الحد الذي يصل الى إهدار المصلحة العامة ومصالح الأفراد.
فقد ميز القضاء بين قواعد الشكل فهناك شروط شكلية يتحتم إتباعها بحيث يؤدي عدم إحترامها الى إلغاء القرار الإداري، بينما لا يؤدي مخالفة بعض قواعد الشكل الى تقرير البطلان للقرار الإداري.

المطلب الأول - صور قواعد الشكل -175

أولاً: الأشكال الجوهرية

يعد الشكل جوهريا إذا نص القانون على ضرورة إتباعه مقررا إبطال القرار الصادر خلافاً لما تقضي به الإجراءات الشكلية. و تتمثل الإجراءات الشكلية في مظهرين
  1. الإجراءات السابقة على إتخاذ القرار الإداري.
    القضاء الإداري إستقر على إعتبار الإجراءات التمهيدية للقرارات التأديبية كإعلان المتهم بالوقائع المنسوبة إليه و إطلاعه على ملفه و إتاحة الفرصة لإبداء دفاعه، إجراءات جوهرية يترتب على إغفالها بطلان القرار التأديبي.
  2. المظهر الخارجي للقرار التأديبي.
    تتعلق هذه الصورة بالشكل الخارجي للقرار الإداري، وإن كان الأصل ألا يشترط صدور القرار في شكل معين، فقد يصدر بشكل شفاهي أو بالإشارة وقد يشترط القانون في بعض الأحوال صدوره مكتوبا، في هذه الحالة على الإدارة أن تلتزم نص القانون و تصدر قرارها مكتوباً وإلا عدَ باطلاً. كما يرتبط التسبيب بالمظهر الخارجي، والإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها إلا إذا ألزمها القانون بذلك.

ثانياً: الأشكال غير الجوهرية - 177

و تتمثل في تلك الشكليات التي لم يوجب القانون مراعاتها و لم يرتب بالتالي البطلان على مخالفتها من قبل الإدارة، كما يعد الشكل غير جوهري متى ما كان مقررا لمصلحة الإدارة وحدها وبالتالي لا يترتب على مخالفته أو إغفاله بطلان القرار الإداري كعدم إحترام المواعيد التنظيمية المقررة أصلا لصالح الإدارة والتي لم ينص القانون على جزاء مخالفتها.

المطلب الثاني - تصحيح عيب الشكل - 177

يؤدي تصحيح عيب الشكل أو الإجراء الى التقليل من القرارات الإدارية غير المشروعة، كما إنه يغني صاحب الشأن من الطعن في القرار الإداري ما دام الإجراء الذي تقوم به الإدارة يؤدي الى تصحيح العيب الجوهري الذي لحق بالقرار الإداري.

المبحث الثالث - عيب مخالفة القانون (عيب المحل) - 179

يأتي عيب مخالفة القانون (عيب المحل) عندما تخرج الإدارة على أحكام القانون المكتوب كالدستور والتشريع واللوائح، أو غير المكتوب كالعرف و المبادئ العامة للقانون، لذا فإن هذا العيب يعد من أهم أوجه الإلغاء و أكثرها وقوعا من الناحية العملية.

المطلب الأول - محل القرار الإداري و شروطه - 180

لكي يكون القرار الإداري سليما و صحيحا في محله فإنه يجب توافر شرطين أساسيين فيه هما:

أولاً: أن يكون محل القرار الإداري ممكناً.

ثانياً: أن يكون محل القرار مشروعاً.

المطلب الثاني - صور مخالفة المحل - 182

أولاً: المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية.

قد تكون هذه المخالفة إيجابية أو سلبية، فالمخالفة الإيجابية تعني خروج الإدارة بطريقة عمدية عن حكم القانون، أما المخالفة السلبية فتتمثل في حالة إمتناع الإدارة عن تطبيق القاعدة القانونية أو رفضها تنفيذ ما تفرضه عليها من إلتزامات، كحالة رفض الإدارة منح ترخيص لأحد الأفراد رغم إستيفاء جميع الشروط القانونية لذلك.

ثانياً: الخطأ في تنفيذ القاعدة القانونية.

كصدور قرار تأديبي بفصل أحد الموظفين ثم يتبين عدم إقتراف هذا الموظف أي مخالفة تأديبية تستوجب إتخاذ هذا القرار.

ثالثاً: الخطأ في تفسير القاعدة القانونية

كأن تتعمد الإدارة الخطأ في تفسير القاعدة القانونية لتعمد التحايل تحت ستار تفسيرها أو قد يكون الخطأ في التفسير غير عمدي راجع الى غموض أو إبهام أو عدم وضوح في القاعدة القانونية موضوع التفسير.

القضاء الإداري.jpg




المواضيع الجديدة:
القضاء الإداري / صور قواعد الشكل / عيب مخالفة القانون عيب المحل / محل القرار الاداري وصدوره / عيب الغاية / صور عيب استعمال اساءة السلطة /اثبات عيب استعمال اساءة السلطة /عيب السبب / اجراءات دعوى الالغاء والحكم فيها / ص 217
مسؤولية الادارة الناجمة عن الخطأ / ركن الضرر
مواضيع الفصل الدراسي الثاني

المبحث الرابع - عيب الغاية (عيب إستخدام السلطة) (ص184)

يقصد بهذا العيب إستخدام الإدارة لسلطتها من أجل تحقيق غاية غير مشروعة سواء بإستهداف غاية بعيدة عن المصلحة العامة أم إنها مغايرة للغاية التي حددها القانون. تظهر أهمية عيب الغاية من الناحية القانونية والعملية، فالناحية القانونية تتعلق بهدف العمل الإداري و غايته في ميدان السلطة التقديرية للإدارة، أما من الناحية العملية فإن رقابة عيب الغاية هي رقابة دقيقة و صعبة إذ إنها لا تنحصر في تفحص المشروعية الخارجية أو الظاهرية للقرار الإداري و إنما البحث عن الغرض الحقيقي الذي سعى لتحقيقه رجل الإدارة.

المطلب الأول - صور عيب إساءة إستعمال السلطة.

أولاً: الغاية بعيدة عن المصلحة العامة

إذا لم يحدد المشرع هدفا محددا للقرار الإداري كان رجل الإدارة مقيدا بتصرفه في ضرورة أن يكون هدفه تحقيق الصالح العام. السلطة العامة ليست إمتيازا شخصيا للموظف العام بل هي ممنوحة للوظيفة العامة بهدف تحقيق المصلحة العامة. لذا فإن القرار المخالف للمصلحة العامة يكون معيبا بعيب الغاية. و حالات إستغلال رجل الإدارة سلطته لتحقيق أغراض لا تتعلق بالمصلحة العامة هي:
  1. إستخدام السلطة لتحقيق نفع شخصي.
  2. إستخدام السلطة بقصد الإنتقام.
  3. إستعمال السلطة لغرض سياسي.

ثانياً: مخالفة قاعدة تخصيص الأهداف.

  1. في ميدان الضبط الإداري.
    حدد المشرع الهدف الذي على سلطة الضبط الإداري تحقيقه و هو المحافظة على النظام العام بعناصره الثلاث، الأمن العام والصحة العامة و السكينة العامة. فخروج سلطات الضبط الإداري عن هذه الأغراض و أستخدمت سلطتها  لتحقيق أغراض بعيدة عن النظام العام يعد تصرفا معيبا بعيب إساءة إستخدام السلطة.
  2. في ميدان الوظيفة العامة.
    الأصل للإدارة سلطة نقل موظفيها مكانيا و نوعيا لتحقيق مصلحة العمل فإذا صدر قرار التوزيع بقصد توقيع عقوبة تأديبية بحق أحد الموظفين فإن قرارها يكون معيبا في غايته.
  3. إساءة إستعمال الأجراءات.
    أي أن الإدارة تعمد الى إستعمال إجراء إداري محل آخر كان يجب عليها إتباعه من أجل الوصول الى هدفها، كما في حالة لجوء الإدارة الى الإستيلاء المؤقت على العقار بدلاً من إتباعها إجراءات نزع الملكية للمنعة العامة تفاديا من إطالة الإجراءات.

المطلب الثاني - إثبات عيب إساءة إستعمال السلطة

أولاً: إثبات العيب من أوراق و مستندات الدعوى.
ثانياً: إثبات العيب من خلال عكس قرينة مشروعية القرار المفترضة.
ثالثاُ: إثبات العيب من ظروف إصدار القرار.
رابعاً: إثبات العيب من خلال نص القرار المطعون فيه.
خامساً: إثبات العيب المستمد من قرينة عدم الملائمة الظاهرة في توقيع العقوبات التأديبة.

المبحث الخامس - عيب السبب (ص 190)

السبب هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تدفع رجل الإدارة الى إصدار القرار الإداري، أما عيب السبب فهو عدم مشروعية سبب القرار الإداري لعدم وجود الحالة القانونية أو الواقعية الباعثة على إتخاذه أو لعدم صحة التكييف القانوني للوقائع التي بني عليها القرار.
و ينبغي التمييز في شأن رقابة القضاء على سبب القرار الإداري فيما إذا كانت الإدارة تتمتع بسلطة مقيدة أو سلطة تقديرية.
  • في حالة السلطة المقيدة يحدد المشرع أسبابا معينة لا بد من توافرها قبل إتخاذ القرار. كتحديد شروط الحصول على ترخيص معين.
  • في حالة السلطة التقديرية لا يحدد المشرع الأسباب التي يجب أن يستند اليها القرار الإداري أو يقوم بتحديدها مع ترك حرية للإدارة في إتخاذ نوعية القرار الذي يصدر بناءا عليها كما هو الشأن بالنسبة لواجب الإدارة في المحافظة على النظام العام عند حدوث إخلال به.
و يتطلب لصحة و سلامة ركن السبب شرطان أساسيان:
  • أن يكون سبب القرار موجودا و قائما حتى تأريخ إتخاذ القرار الإداري.
  • أن يكون السبب مشروعاً.

نطاق الرقابة على السبب (ص 193)

أولاً: الرقابة على الوجود المادي لوقائع.

إذا تبين للقضاء إن الأسباب التي إدعتها الإدارة في إتخاذها لقرارها المطعون فيه غير موجودة أصلا تعين عليها إلغاء القرار لعدم صحة سببه.

ثانياً: الرقابة على التكييف القانوني للوقائع.

يراقب القضاء الإداري التكييف القانوني للوقائع الذي توصلت اليه الإدارة من أجل التأكد من مشروعية هذا التكييف، وفيما إذا كانت هذه الوقائع تؤدي منطقيا و عقليا و قانونيا الى النتيجة التي توصلت اليها الجهة مصدرة القرار، فإذا تأكد القاضي أن التكييف الذي أجرته جهة الإدارة لهذه الوقائع غير صحيح فإنه يحكم بإلغاء القرار لعيب في سببه.

ثالثاً: الرقابة على ملائمة القرار أو تناسبه مع الوقائع.

القاعدة الأساسية التي تحكم رقابة القضاء الإداري على أعمال الإدارة إنها رقابة مشروعية لا رقابة ملائمة، ما عدا الرقابة القضائية على عيب السبب حيث أخضع القضاء الإداري لرقابته ملائمة القرار للوقائع التي صدر على أساسها.


الفصل الثالث - إجراءات دعوى الإلغاء و الحكم فيها (ص 195)

المبحث الأول - الخصائص المميزة لإجراءات القضاء الإداري

أولاً: أستقلال الإجراءات القضائية الإدارية عن الإجراءات المدنية.
ثانياً: يقوم القاضي الإداري بدور إيجابي في توجيه الإجراءات الإدارية.
ثالثاً: إنها إجراءات تتسم بالصفة الكتابية.
رابعاً: إنها إجراءات تتسم بالبساطة والسرعة.

المبحث الثاني - إجراءات رفع دعوى الإلغاء (ص 199)

أولاً: تحديد الجهة المدعى عليها.
ثانياً: تقديم عريضة الدعوى والإجراءات اللاحقة.

المبحث الثالث: الفصل في دعوى الإلغاء

أولاً: نظر الدعوى
يبدأ المدعي أولا بسرد وقائع دعواه/ المدعي عليه (ممثل الدائرة القانوني) يقدم دفاعه في حدود اللائحة الجوابية/ تثبت الأقوال في محضر/ للطرفين تنقيص او تعديل دعواهما في اللوائح المتبادلة بشرط عدم تغيير موضوع الدعوى/ الجلسة علنية الا اذا قررت المحكمة او طلب احد الخصوم للمصلحة العامة/ لا يجوز التأجيل إلا لسبب مشروع/ ولا يجوز التأجيل أكثر من مرة للسبب ذاته/ لا يجوز ان تتجاوز مدة التأجيل عشرين يوما إلا للضرورة.
ثانياً: التدخل في الدعوى
التدخل في الدعوى هو عبارة عن طلب عارض يتقدم به شخص غريب عن الخصومة يمكن أن يتأثر من نتيجة الحكم الذي سيصدر فيها.
ثالثاً: وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه
إستقر القضاء الإداري على إمكانية وقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه عند توافر عدد من الشروط وهي:
  1. أن يطلب رافع دعوى الإلغاء صراحة وقف تنفيذ القرار في عريضة الدعوى. و لا يجوز تقديمه في دعوى مستقلة.
  2. أن يقوم طلب الإلغاء بحسب الظاهر على أسباب جدية، أما إذا تبين للمحكمة عدم جدية طلب الإلغاء فأنه لا يكون هناك ما يبرر قبول طلب الإلغاء.
  3. توافر حالة الإستعجال، بمعنى انه يتتطلب لوقف تنفيذ القرار محل الطعن بالإلغاء أن تكون نتائج تنفيذ القرار يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغاء القرار.

المبحث الرابع - الحكم في دعوى الإلغاء

اولاً: حجية الأمر الصادر بالإلغاء:

الأصل أن حجية الأحكام القضائية تقتصر على أطراف النزاع و في هذه الحالة تسمى ب (الحجية النسبية) أما إذا إمتد أثر تلك الحجية الى الغير ففي هذه الحالة تسمة ب (الحجية المطلقة).
إن إلغاء القرار الإداري قد يكون كليا يحيط بالقرار بأكمله وقد يكون جزئيا ينصب على الجزء المعيب من القرار سواء كان هذا القرار تنظيميا أم فرديا.

ثانياً: تنفيذ حكم الإلغاء:

إن إلتزام الإدارة بالتنفيذ ينطوي على التزامين إيجابي و سلبي
1.الإلتزام الإيجابي: يتمثل في إتخاذ الإدارة ما يلزم من إجراءات لإعادة الحال الى ما كان عليه قبل صدور القرار الملغي و ما يترتب عليه من آثار قانونية و مادية. يتطلب الأمر في بعض الأحيان إصدار قرار إداري بسحب القرار الملغي.
2. الإلتزام السلبي: يتمثل الإلتزام السلبي من جانب الإدارة في عدم قيامها بتنفيذ القرار الملغي من جهة  بإمتناعها عن إصداره من جديد بنفس منطوقه و مضمون، و هذا الإلتزام يقتضي توقف الإدارة عن تنفيذ القرار المحكوم بإلغاءه بمجرد صدور الحكم إذا كانت مستمرة في عملية التنفيذ.

ثالثاً: جزاء إمتناع الإدارة عن تنفيذ أحكام الإلغاء.

إذا إمتنعت الإدارة عن تنفيذ الحكم الصادر بإلغاء قرار إداري فإن ذلك يؤدي الى إمكانية رفع دعوى إلغاء جديدة ضد قرار الإدارة بالإمتناع، كما تتقرر مسؤولية الإدارة الجنائية والمدنية عن عدم التنفيذ و كذلك مسؤولية الموظف الممتنع.
1. الجزاء المدني (التعويض): إذا إمتنعت الإدارة عن التنفيذ دون وجه حق، أعتبر ذلك بمثابة قرار إداري سلبي مخالف للقانون يوجب لأصحاب الشأن الحق في التعويض. تترتب عليه مسؤولية الإدارة و الموظف المسؤول عن عدم التنفيذ متضامنين في دفع التعويض.
2. الجزاء الجنائي: يترتب على إمتناع الموظف المسؤول عن تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء تعرضه لجزاء جنائي  و يعاقب بالحبس و بالغرامة أو بأحدى هاتين العقوبتين.


الباب الخامس - قضاء التعويض (القضاء الكامل)
الفصل الأول……..

الفصل الثاني - مسؤولية الدولة التقصيرية عن أعمالها الإدارية (المسؤولية التقصيرية للإدارة) ص 220

المبحث الأول - مسؤولية الإدارة الناجمة عن الخطأ

إن الأساس الذي تقوم عليه مسؤولية الإدارة عن أخطائها التي تلحق ضررا بالأفراد هو مبدأ مساواة المواطنين في تحمل الأعباء العامة، و ذلك لأن نشاط الإدارة إنما يمارس لمصلحة الجماعة، فإذا ترتب على خطأ الإدارة ضرر خاص ببعض الأفراد وجب تعويضهم حتى لا يتحملوا وحدهم عبء هذا الضرر الذي يجب أن تتحمله الجماعة بأسرها.
و تتحقق مسؤولية الإدارة في هذا النطاق بتوفر ثلاثة أركان (1. ركن الخطأ 2. ركن الضرر 3. العلاقة السببية بين الخطأ والضرر).

المطلب الأول - ركن الخطأ (ص 222)

إن الخطأ هو الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية بوجه عام و الخطأ هو مخالفة أحكام القانون المتمثلة في تصرف قانوني أو عمل مادي، و يأخذ صورة عمل إيجابي و هو القيام بعمل يحرمه القانون، أو يكون على شكل سلبي في صورة الإمتناع عن عمل يوجبه  القانون. و الخطأ يقع من العاملين في الإدارة فإما أن يكون شخصيا يسأل عنه مرتكبه أو يكون مرفقيا تسأل عنه الإدارة.

أولاً: الخطأ الشخصي

هو الخطأ الذي ينسبه الى الموظف نفسه و تقع مسؤوليته على عاتقه شخصيا، و يدفع التعويض من ماله الخاص و تكون المحاكم العادية هي المختصة بنظر هذا النوع من الخطأ، أما الخطأ المرفقي هو الذي ينسب فيه الخطأ والتقصير الى المرفق ذاته و تتحمل الإدارة المسؤولية لوحدها، فتدفع التعويض من أموالها و تختص المحاكم الإدارية بنظره.
تعددت المعايير للتمييز بين النوعين من الخطأ و منها
  1. معيار النزوات الشخصية.
  2. معيار جسامة الخطأ.
  3. معيار الإنفصال عن الوظيفة.
  4. معيار الغاية.
الحالات التي تسأل فيها الإدارة عن خطأ الموظف الشخصي
  1. الخطأ الشخصي المصحوب بخطأ مرفقي.،
  2. الخطأ الشخصي المرتكب أثناء الخدمة.
  3. الخطأ الشخصي المرتكب بأدوات المرفق.

ثانياً: الخطأ المرفقي (ص 229)

وهو الخطأ الذي ينسب للمرفق ذاته حتى لو كان الذي قام به مادياً أحد الموظفين، و يتمثل في عدم أداء المرفق للعمل المكلف بإدائه فيترتب على موقفه السلبي ضرر يصيب الأفراد، في هذا النوع من الخطأ تسأل الإدارة عن تعويض الضرر الناشئ عن الخطأ المرفقي.

صور الخطأ المرفقي

  1. سوء أداء المرفق للخدمة.
  2. عدم أداء المرفق للخدمة.
  3. بطئ المرفق في أداء الخدمة.

تقدير الخطأ المرفقي

  1. وقت وقوع الخطأ
    التمييز بين الظروف العادية والخطأ المرفقي في الظروف الإستثنائية كحالة الحرب، لأن ليس من السهل في هذه الظروف أن يقدم المرفق خدماته بنفس الدرجة من الدقة وإحترام قواعد العمل.
  2. مكان وقوع الخطأ
    التفريق في ما إذا كان عمل المرفق في الأماكن القريبة الواقعة في مركز المدينة و بين الأماكن البعيدة والنائية.
  3. ظروف المرفق
    يراعى ظروف المرفق و إعبائه وأهميته للمجتمع عند تقدير الخطأ المنسوب إليه.
  4. طبيعة المرفق وأهميته
    يراعى طبيعة المرفق و أهميته الإجتماعية
  5. موقف المضرور أزاء المرفق
    الفرق فيما إذا كان المضرور المطالب بالتعويض مستفيدا من المرفق أم غير مستفيد أو فيما إذا كان المضرور يحصل على الخدمة مجانا او بمقابل و فيما إذا كان مجبرا على الإلتجاء للمرفق أم إنه لجأ إليه بإختياره.

المطلب الثاني - ركن الضرر (ص 234)

أولاً: شروط الضرر.

  1. يجب أن يكون الضرر مباشرا.
  2. هناك علاقة مباشرة بين الضرر و العمل المنسوب للدولة.
  3. يجب أن يكون الضرر محققاً.
  4. يجب أن يكون الضرر خاصاً.
  5. يجب أن يكون الضرر قد أخل بمركز قانوني.
  6. يجب أن يكون الضرر قابلا للتقدير بالنقود.

ثانياً: أنواع الضرر

قد يكون الضرر ماديا أو معنويا أو أدبيا. في العراق لا يفرق القضاء بين الضرر المادي و الضرر الأدبي عند الحكم بالتعويض.

المطلب الثالث - العلاقة السببية بين الخطأ والضرر

هي الركن الثالث من أركان المسؤولية، إذ يجب أن توجد رابطة سببية بين خطأ الإدارة و الضرر الذي أصاب المضرور تجعل الأول علة الثاني و سبب وقوعه، و تنتفي مسؤولية الإدارة إذا إنعدمت العلاقة السببية بين خطأ الإدارة و الضرر بسبب أجنبي كالقوة القاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور.

المبحث الثاني - مسؤولية الإدارة القائمة من دون خطأ

المطلب الأول - المسؤولية القائمة من دون خطأ في فرنسا

أنشا مجلس الدولة الفرنسي نوعا آخر من المسؤولية تقوم على ركنين فقط هما الضرر وعلاقته السببية. و لئن كان المجلس يقر مسؤولية الدولة بالتعويض حتى و لو لم تخطئ، إلا إنه يتطلب أن يكون الضرر خاصا و غير عادي.
وقد أقر مجلس الدولة الفرنسي مسؤولية الإدارة بغير خطأ في عدد من الحالات وهي:
  1. مسؤولية الإدارة عن الفصل المشروع لموظفيها.
  2. مسؤولية الإدارة عن إصابات العمل.
  3. مسؤولية الإدارة عن أضرار الأشغال العامة.
  4. مسؤولية الإدارة عن نشاطها الخطر.

المطلب الثاني - المسؤولية القائمة من دون خطأ في مصر

لم يأخذ القانون المدني المصري بمبدأ المسؤولية دون خطأ حيث أقام المسؤولية التقصيرية على أساس الخطأ.

المطلب الثالث - المسؤولية القائمة من دون خطأ في العراق

نظم المشرع العراقي مسؤولية الإدارة عن أعمال موظفيها بنص خاص ضمن قواعد المسؤولية التقصيرية و تحت عنوان المسؤولية عن فعل الغير، هذا وإن أساس هذه المسؤولية هو خطأ مفترض من جانب الإدارة مفاده إنها لم تقم بما ينبغي من الرقابة و التوجيه و بذل الحيطة لمنع الموظف من إرتكاب الخطأ.
أن النصوص المتعددة في الشريع العراقي تؤكد أن المشرع أخذ بنظرية المخاطر و تحمل التبعية و إعتمادها كأساس لمسؤولية الإدارة كما إن القضاء العراقي أخذ بفكرة المخاطر و تحمل التبعية كأساس لمسؤولية الأدارة .


تم بعون الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق